أخبار عاجلة
الرئيسية / اخبار جهوية / الذاكرة الحية لأيت عياض إقليم ازيلال

الذاكرة الحية لأيت عياض إقليم ازيلال

Spread the love

الذاكرة الحية لأيت عياض اقليم أزيلال.
جريدة صوت الاطلس / مراسلة ” خديجة ايت منا

عمي صالح رجل ذي التسعين عاما، ذاكرة قوية، ومرجع القبيلة في الأنساب، وطني صادق، أحب فرنسا كما أحب المغرب. انخرط في سلك الجندية ابن العشرين. قررت فرنسا أن تأخذ فيلقه لنصرة باودي بالهند الصينية ضد غريمه السياسي هو تشي مينه Hồ Chí Minh. في العام ألف وتسع مائة وواحد وخمسين كانت الوجهة سايغو Saïgon. انطلاقا من المغرب فالجزائر، وايطاليا ثم انجلترا وصولا إلى الهند الصينية. استغرقت الرحلة ثمانية عشر ليلة ونهارا، كان البكاي في استقبال الفيلق، وبلكنة مغربية أبلغهم عطف ورضى جلالة الملك، وحثهم على الصمود. والقتال بشراسة.
فور علمه بقدومه ارسل عمي عبد الرحمان الذي يشغل ملازما أولا في صفوف الجيش الفرنسي في طلبه، كان العناق بينهما حارا. تجاذبا أطراف الحديث حول أمور العائلة وشؤون القبيلة. سأله إن كان معه شيء من القنب الهندي المغربي عالي الجودة، فمده بكأسين كبيرين من القنب المفروم، وتوادعا على أمل اللقاء.
انتقل الفيلق بعد ذلك إلى هانوي Hanoï ثم طونكين tonkin فهيفون haïphong. أربع مرات والطائرة تحلق فوق سماء هيفو دون أن تتمكن من الهبوط بسبب الضباب الكثيف. تقع هيفون في الساحل على مرتفع بسيط على قدم جبل. كان المطار في المنبسط السهلي، بينما الثكنة في المرتفع. سكان المدينة ذوو الطباع الغليظة، أشداء في الحرب، لا يهابون العدو ولا ترهبهم قنابله. يقاتلون بحماسة قل نظيرها.
بينما كان الجنرال الفرنسي منهمكا في استقبال وتنظيم العساكر، شرع السيغويون (نسبة إلى سيغو) في حفر خندق من الجهة الأخرى للثكنة. فجأة ابتلع الخندق الجنرال الفرنسي وأعلنت فرنسا خسارة المعركة.
لتبدأ رحلة العودة التي استغرقت سبعة عشر ليلة ونهارا من العام ألف وتسع مائة وإثنين وخمسين. في طريق العودة لمحوا غواصة ألمانية تطفو على مقربة من الباخرة التي تقلهم في المياه الانجليزية. تلقوا تعليمات اليقظة والتأهب القصوى استعدادا لكل سوء، كما تسلموا عتاد الغوص في الماء، وسمح لهم بالارتماء في البحر في حال الهجوم، في انتظار وصول الحماية الجوية. تابعوا تحركات الغواصة إلى أن غابت عن الانظار. تسلق عمي صالح أعلى السفينة وبجانبه إبريق شاي وبندقية، لم يغمض له جفن إلى أن وصلوا الجزائر.
ركبوا القطار من الجزائر العاصمة إلى مكناس ومن تم الحافلة إلى زاوية ايت إسحاق. كان الأهالي ينتظرون وصول الناجين من الحرب على أحر من الجمر. منهم من يتطلع لرؤية قريبه وأخريات تحملقن بين الوجوه لرؤية أزواجهن أو ابنائهن.
واللائي يئسن من البحث. يصحن ويلطمن خدودهن ايدانا بالوفاة.
لم يكن مسار عمي لحسن مختلفا عن مسار عمي صالح والصوفي موحى اوحميدة وموح أمزان وييوس نتسلميت ومحمد اولحسن وكثير من أهل أيت عياض الذين شاركوا إلى جانب الجيوش الفرنسية من أجل الحرية والعدالة والاخوة. من أجل الدفاع عن العالم الحر بقيمه ومبادئه بوعي أو بدون وعي. ومهما يكن فقد سألته عن حال فرنسا اليوم، فأجابني بعد صمت رهيب، فرنسا ذاهبة الى الخراب. أدركت حكمة الرجل ودهاءه، فتيقنت أنه متابع لمجريات الساحة الدولية وما يطبخ في مطابخ السياسة الخارجية للدول. وبعد أن ودعته طلب مني العودة، فلبيت النداء، فأمسك بيدي وأسر لي ان على العالم اليوم ان يبحث عمن سيقوم بالدور الذي كانت تلعبه فرنسا في البحر المتوسط. فهل نحن المغاربة قادرون؟ هل نحن مستعدون؟

عن admin

شاهد أيضاً

تنظيم يوم دراسي وتحسيسي لإعطاء انطلاقة مشروع مرونة واستدامة مياه الري بالقطاعينG5وG9 بالمدارس السقوي لتادلة

Spread the loveتنظيم يوم دراسي وتحسيسي لإعطاء انطلاقة مشروع مرونة واستدامة مياه الري (REDI) بالقطاعين …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *