الوطنية الصادقة
admin
ديسمبر 9, 2022
اخبار رياضية
137 زيارة
الوطنية الصادقة
لجريدة صوت الاطلس / الدكتور رزوقي محمد
كم هو جميل ذلك المشهد الذي عشنا لقطاته يوم فوز المنتخب الوطني لكرة القدم على نظيره الإسباني. والأجمل من ذلك كله أن يخرج جلالة الملك بنفسه، وولي عهده مولاي الحسن حفظهما الله مشاركين في هذا المشهد الوطني الكبير ومعززين لهذه الروح الوطنية. مشهد شارك فيه كل من الغني والفقير، القوي والضعيف، ساكن الجبل وساكن السهل، المقيم بالوطن والمقيم بالمهجر. هذه الروح التي غمرت جميع الفئات الاجتماعية، تعكس التماسك والارتباط المتين بينهم، واستجابتهم على الدوام لنداء الوطن كلما كان هناك داع للترافع عن قضية من قضاياه الدينية أو الدنيوية، حيث يهب كل من يسكن في القفر أو في الحضر على حد سواء. مدفوعا بحب الوطن لنصرة قضاياه العادلة والأساسية. حيث أن روح الوطنية الصادقة المنبعثة من أعماقه تمثل امتدادا لوجوده التاريخي، وتشبثا منه بجدوره وأصوله، فهو لا يشعر بالراحة والطمأنينة إلا حينما يشارك أبناء وطنه مشاعرهم وأفراحهم وأحزانهم، فهذا الشعور لا يقاوم حتى بالحاجة والفقر وقلة ذاة اليد، وحتى لو اضطر البعض من الأتاسي إلى الهجرة، فإنهم يحملون هذه الروح معهم في ترحالهم، وتراهم متعلقين بها أشد التعلق كما هو واضح في سلوك أبناء الجالية المغربية بالمهجر من الجيلين الأول والثاني والثالث تشجع فريقها الوطني بقطر أو تتبعه حيثما حل وارتحل لتشجيعه، أو هي تتوق شوقا لزيارة بلدها، أو وهي تدافع باستماتة عن قضاياه الكبرى. هكذا صارت الرياضة عاملا مساهما في إحياء الوحدة الشعبية والتضامن والتقارب بين شعوب العالم، فكم هي معبرة صور فرحة الشعوب في كل من قطر والسعودية والجزائر وتونس والإمارات وفرنسا وايطاليا ودول صديقة وشقيقة بكل القارات الخمس…. فرحة وتضامنا مع انجاز منتخب المغرب العظيم.
وجواب على مدعى البعض ممن قال إن هذه الاستجابة زائفة ولحظية، لغياب العدل والمساواة في الحقوق. نقول إنه من الواجب التمييز بين الانتماء للأوطان وبين المطالبة بالحقوق ورفع الغبن الذي تعيشه فئات من الناس. لأن الأحرار يقدمون العيش بمبادئهم وولاؤهم لأوطانهم ، على البحبوحة في عيشهم دون ان يربطهم اي رابط بأوطانهم،
إن الروح الوطنية الصادقة في أصولها محبة، لذلك كان حب النبي صلى الله عليه وسلم لموطنه مكة شديدا حتى قال: “ما أطيبكِ من بلدٍ وأحبكِ إلي، ولولا أن قومي أخرجوني منكِ ما سكنتُ غيرك” (رواه الترمذي)؛
فهذه المحبة الصادقة للوطن هي التي عبر عنها المغاربة عقب الانتصارات المتتالية للمنتحب الوطني المشارك في كأس العالم بدولة قطر، وهي تعكس روح الوطنية الصادقة التي تسري فينا جميعا، حيث لا موطن فيها للفوارق الطبقية، والانتماءات السياسية… فكل منا يعبر عن فرحته وسعادته لانتمائه للمغرب وحبه له ولقائده أمير المؤمنين حفظه الله. وهذا المنسوب المتدفق أفقيا وعموديا من المحبة وجب استثماره في تنمية وبناء الوطن.
فهنيئا للمنتخب المغربي هذا الانتصار، وهنيئا للشعب المغربي هذه الفرحة.
نعم، لقد انتهت المبارزة والاحتفال وعادت المياه إلى مجاريها، لكن هذه الروح الوطنية الصادقة، ستبقى حية فينا تنتظر مقابلة البرتقيز (البرتغال) لتعبر عن نفسها مرة أخرى.