جريدة صوت الأطلس جريدة إخبارية على مدار الساعة
مقالات مشابهة
خذ العبرة واترك الباقي.
يكتبه لجريدة صوت الاطلس /ا الدكتور رزوقي محمد
الحمد لله الذي لا تعد نعمه ولا تحصى أفضاله.
أصيب صديق لي بوباء كورونا اللعين، فضعف تنفسه وخفت صوته واصفرً محيًاه، مما استلزم نقله على وجه الاستعجال إلى عيادة خاصة، لعله يجد فيها عناية خاصة منعدمة في المستشفيات العمومية. فكان له ما أراد. لقد استقبله الطاقم الطبي الأنيق بحفاوة زائدة، حتى خيًِل له أن رائحة الشفاء العاجل تفوح من بذلة الطبيب الوسيم، ومن وزرات الممرضات ذوات القوام المليح والقدً المريح. فتم دعم تنفس الصديق بالأوكسجين لمدة سبع ليال وثمانية أيام متواليات. بعد فترة العلاج، قدمت له محاسِبة المصحة فاتورة بقيمة ثلاثين ألف درهم وطلبت منه، بابتسامة عريضة تنم عن جشع دفين وطمع غريب، تسديد الفاتورة نقدا أو بواسطة الشيك على وجه الاستعجال. ولما وقعت عينه على المبلغ، أجهش بالبكاء.
فسألته المحاسِبة: أتبكي لارتفاع مبلغ الفاتورة؟ أجابها الرجل، وحباله الصوتية تحدث صفيرا وأنينا كأنه أمام سيًاف قاطع الرؤوس: أنا لا أبكي يا بنيًتي لأجل المال، وإنما أبكي لعظمة الرحمان، المدة سبعة أيام فقط من استخدام الأوكسجين أدفع مقابل ذلك ثلاثين ألفا من الدراهم! وقد كنت أتنفس هواء الله بالمجان ثلاثا وثمانين من الأعوام. هل تعرفين كم أنا له مدين؟ خفضت المحاسبة رأسها واغرورقت عيناها، فانصرفت من خلف الشباك في صمت، خلعت وزرتها، وارتدت جلبابها، وغادرت العيادة بنية اللاعودة.
فحمدا لك يا رب وشكرا لك على أفضالك وأنعمك التي لا تعد ولاتحصى.
