العقوبات البديلة بين عدالة اجتماعية مأمولة ومخاوف واقعية تحت مجهر الشبكة الوطنية لحقوق الانسان
admin
4 دقائق مضت
اخبار وطنية
9 زيارة
العقوبات البديلة بين عدالة اجتماعية مأمولة ومخاوف واقعية.
تحت مجهر الشبكة الوطنية لحقوق الانسان
جريدة صوت الاطلس
بقلم: مدير النشر و الأمين العام للشبكة الوطنية لحقوق الإنسان – أنوار حسن

.
منذ أن دخل قرار العقوبات البديلة حيّز التنفيذ، كثرت النقاشات حول جدواه وانعكاساته على المجتمع. لا شك أن هذه الخطوة قد تحمل في ظاهرها بعض الإيجابيات؛ فهي تخفف من اكتظاظ السجون وتدرّ على خزينة الدولة موارد مالية إضافية. لكن، هل يمكن أن نغفل الوجه الآخر لهذه المعادلة؟
حين يستفيد أصحاب المال والنفوذ
تخيّلوا معي أن شخصًا ميسورًا قام بالاعتداء على مواطن فقير. العقوبة البديلة ستتحول هنا إلى وسيلة لشراء الحرية، بينما يظل المظلوم غارقًا في جراحه، لا يجد من ينصفه سوى قول: كان الله في عونه. العدالة هنا تصبح ميزانًا يميل بوضوح لصالح “أصحاب الشكارة”، وهو ما يثير الكثير من المخاوف بشأن تكريس الفوارق الاجتماعية.
بين حماية المجتمع والاتجار في سمومه
المثال الأبرز جاء من المحكمة الابتدائية بأكادير، التي أصدرت أول حكم بالعقوبات البديلة في ملف الاتجار بالخمور.
فقد أدين تاجر خمور بشهرين حبسًا نافذًا، وتم استبدال العقوبة المالية بـ:
300 درهم عن كل يوم
أي ما مجموعه 18.000 درهم عن شهرين (بالدارجة: مليون و160 ألف سنتيم).
وبذلك استعاد المتهم حريته بمجرد دفع المبلغ، في حين يبقى السؤال: هل بائع الخمور مجرد تاجر عادي؟ الحقيقة أنه يعتدي بشكل غير مباشر على حرية الآخرين، عبر نشر سموم تفتك بالعقول والأجساد، وتشجع على العنف والجرائم الليلية وإزعاج الساكنة. فهل من المنطق أن يُفتح له باب الاستفادة من العقوبات البديلة وكأن جُرمه لا يطال أرواح الأبرياء؟
المعادلة الصعبة
بين الإيجابيات والسلبيات، يبقى السؤال مطروحًا:
هل نريد عدالة بديلة تحقق الإنصاف وتعيد التوازن للمجتمع، أم أننا أمام صفقات بديلة يستفيد منها الأثرياء بينما يظل الفقراء حبيسي الألم والخذلان؟
الخلاصة:
العقوبات البديلة فكرة إصلاحية نبيلة، لكن نجاحها مرهون بقدرتها على التمييز بين من يستحق فعلاً بديلًا إصلاحيًا، وبين من يمسّ صحة الناس وأمنهم واستقرارهم. وإلا سنكون أمام عدالة تُباع وتشترى، بدل أن تكون ملاذًا لكل مواطن، غنيًا كان أم فقيرًا