اخبار وطنية

براءة قضائية تُسدل الستار على نزاع “حرم مولاي عبد السلام” وتفكك عقدة النفوذ والعقار بإقليم العرائش

براءة قضائية تُسدل الستار على نزاع “حرم مولاي عبد السلام” وتفكك عقدة النفوذ والعقار بإقليم العرائش

Spread the love

محكمة الاستئناف بطنجة تحسم نزاع “حرم مولاي عبد السلام” وتُنهي سنوات من التوتر القضائي والاجتماعي
بقلم: جميلة الصبان
متعاونة مع جريدة صوت الأطلس – تطوان


طوت محكمة الاستئناف بمدينة طنجة، بشكل نهائي، صفحة أحد أكثر النزاعات تعقيدًا بإقليم العرائش، بعدما أيدت الحكم الابتدائي القاضي ببراءة رئيس جماعة تزروت أحمد الوهابي وباقي المتابعين في الملف المرتبط بملف تحديد أراضي منطقة مولاي عبد السلام بن مشيش، وهو القرار الذي أعاد ترتيب موازين الصراع القانوني والاجتماعي الذي استمر لأزيد من ثلاث سنوات.
الهيئة القضائية ذهبت في اتجاه تثبيت الحكم الصادر عن المحكمة الابتدائية بالعرائش، والقاضي بعدم مؤاخذة جميع المتهمين، مع تحميل الخزينة العامة الصائر، والتصريح بعدم الاختصاص في المطالب المدنية، في خطوة اعتبرها متتبعون إغلاقًا قانونيًا لنزاع شائك تجاوز حدود المحاكم إلى المجالين السياسي والإعلامي.
ويعود أصل الخلاف إلى شروع نبيل بركة، اعتمادًا على نيابة عن والده الراحل عبد الهادي بركة، نقيب الشرفاء العلميين، في مسطرة تحفيظ مساحات شاسعة من الأراضي المصنفة ضمن ما يُعرف بـ“حرم مولاي عبد السلام بن مشيش”، وهي الخطوة التي فجّرت موجة واسعة من الرفض وسط الساكنة المحلية، التي اعتبرت المسطرة مساسًا بحقوق جماعية تاريخية.
هذا الرفض الميداني تُرجم إلى احتجاجات متواصلة، دفعت نبيل بركة إلى سلوك المسار القضائي عبر شكاية وُجهت ضد رئيس جماعة تزروت وثمانية أشخاص آخرين، بدعوى عرقلة عمليات التحديد، وهي الاتهامات التي ظلت محور تجاذب حاد بين أطراف الملف طيلة سنوات.
وفي سياق البحث، أبرز تقرير صادر عن مركز الدرك الملكي ببني عروس أن العقار موضوع النزاع يمتد على مساحة تناهز 1186 هكتارًا، ويضم مجالات غابوية شاسعة، إضافة إلى فضاءات عمرانية مأهولة بالسكان، من بينها مقر جماعة تزروت والمقام الديني المعروف للولي الصالح مولاي عبد السلام بن مشيش.
كما أشار التقرير إلى أن المنطقة عرفت، منذ خمسينيات القرن الماضي، نزاعات متكررة حول الحدود وحقوق الانتفاع، خاصة ما يتعلق بالمجال الغابوي، مبرزًا أن الساكنة عبّرت صراحة عن رفضها لإجراء التحديد الإداري، معتبرة أن الصفة الشرفية لا تشكل سندًا قانونيًا كافيًا لتحفيظ ممتلكات ذات طابع جماعي أو روحي، في غياب تفويض صريح من ذوي الحقوق.
ووفق المعطيات ذاتها، فإن حالة الاحتقان الاجتماعي التي رافقت محاولات التحديد، واحتشاد المئات من المواطنين داخل مقر القيادة، دفعت النيابة العامة إلى التدخل وإصدار تعليمات بتعليق العملية، تفاديًا لأي تطورات أمنية غير محسوبة، خاصة مع تزامن الأحداث مع موسم ديني يستقطب آلاف الزوار من داخل وخارج المنطقة.
قرار محكمة الاستئناف بطنجة لم يُنهِ فقط المسار القضائي للملف، بل أعاد طرح أسئلة أعمق حول تدبير الأراضي ذات الحمولة الدينية والتاريخية، وحدود التداخل بين النفوذ السياسي والمساطر العقارية، في نزاع تجاوز طابعه المحلي ليكتسي أبعادًا وطنية، خاصة في ظل تشابكه مع أسماء وازنة في المشهد السياسي.
ويُذكر أن الخلاف بين أحمد الوهابي ونبيل بركة عرف خلال السنوات الماضية تصعيدًا غير مسبوق، امتد ليشمل وزيرة إعداد التراب الوطني والإسكان فاطمة الزهراء المنصوري، القيادية بحزب الأصالة والمعاصرة، وانتهى إلى قرارات تنظيمية داخل الحزب، ودعاوى قضائية متبادلة، وحرب تصريحات غذّت الجدل العام حول هذا الملف المعقد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى