يوسف رجا من بني ملال في حديث عن الاسى والتنمر في شأن عقول إلا تفكر سوى للمصلحة الذاتية
admin
3 أيام مضت
اخبارمحلية, كتاب الراي
15 زيارة
يوسف رجا من بني ملال في حديث عن الاسى والتنمر في شأن عقول إلا تفكر سوى للمصلحة الذاتية .
جريدة صوت الاطلس/ يوسف رحا

في هذا العالم المعقد حيث تتشابك الأفكار والمشاعر، يوجد نوع من البشر يمتلكون مهارة خطيرة: القدرة على التلاعب بالعقول. هؤلاء ليسوا مجرد أشخاص عاديين؛ إنهم فنانون في صياغة الكلمات، وقراءة النفوس، واستغلال نقاط الضعف التي قد لا ندركها حتى في أنفسنا.
التلاعب بالعقول ليس مجرد حيلة أو خدعة سطحية؛ إنه عملية دقيقة ومعقدة تشبه لعبة الشطرنج، حيث يتم تحريك كل قطعة بعناية لتحقيق هدف معين. المتلاعب يعرف كيف يستخدم كلمات بريئة أو مشاعر طيبة لتحويلها إلى أدوات تخدم مصالحه الخاصة. هو كالظل الذي يتسلل بهدوء إلى عقولنا، ليزرع فيها أفكارًا ليست لنا، ويقنعنا بأنها جزء من تفكيرنا.
هذا النوع من السلوك يعتمد على استغلال الثقة، تلك النقطة الحساسة التي نمنحها للآخرين بنقاء قلبنا. عندما ينتهك شخص هذه الثقة، فإنه لا يسرق فقط أفكارنا، بل يسرق أيضًا جزءًا من أرواحنا. التلاعب النفسي يمكن أن يكون أشبه بسم يُحقن ببطء، فلا نشعر بألمه إلا بعد فوات الأوان. وقد يؤدي إلى فقدان الثقة بالنفس، أو الانجراف وراء قرارات لا تعكس رغباتنا الحقيقية.
لكن ما يجعل هذا السلوك أكثر خطورة هو أنه غالبًا ما يكون مستترًا ومغلفًا بغلاف من الحب أو الصداقة أو حتى النصيحة. المتلاعب يجيد ارتداء الأقنعة، فيبدو وكأنه الشخص الذي يقف إلى جانبك، بينما هو في الواقع يقودك نحو مسارات لم تكن لتختارها بإرادتك الحرة.
ومع ذلك، فإن القوة الحقيقية ليست في أيدي المتلاعبين، بل في وعينا نحن. فكلما زادت معرفتنا بأنفسنا، وأصبحنا أكثر وعيًا بمشاعرنا وأفكارنا، صارت لدينا القدرة على كشف هذه المحاولات قبل أن تؤثر علينا. لنثق دائمًا في حدسنا، ولنراجع قراراتنا بعمق، ونسأل أنفسنا: هل هذا ما أؤمن به حقًا؟ أم أن هناك من يحاول توجيهي دون أن أشعر؟
التعامل مع المتلاعبين يتطلب شجاعة ووضوحًا. إن كان لا بد من المواجهة، فلنواجه بصدق وهدوء، لأن الضوء كفيل بأن يبدد الظلام. وإذا شعرنا أننا ضحايا لهذا السلوك، فلنبحث عن الدعم، سواء من الأصدقاء أو المختصين، لأن العودة إلى الذات تحتاج أحيانًا إلى يد تمتد إلينا.
في نهاية الأمر، يجب أن نتذكر أن عقولنا هي مملكتنا الخاصة، وأنه لا ينبغي لأحد أن يدخلها دون إذن. دعونا نحمي هذه المملكة بجدار من الوعي والإدراك، فلا يكون لأحد الحق في اختراقها أو العبث بها.