مسلسل: دار النسا والإبداع المغربي”
admin
أبريل 13, 2024
كتاب الراي
124 زيارة
*مسلسل: دار النسا والابداع المغربي*
*يكتبها الدكتور رزوقي محمد* لجريدة صوت الاطلس
في الوقت الذي تعمل فيه الدوائر المحافظة على إخفاء المشاكل الاجتماعية وسترها، تقدم سلسلة *دار النسا* نفسها كتحد لأولئك الذين يرغبون في إدامة تلميع وجه المجتمع وابقاء مشاكله بعيدة عن الأنظار، وعن الجميع.
فقد استطاع المسلسل الرمضاني *دار نسا* أن يخطف أنظار المشاهدين بجرأة قصته، واحترافية ممثليه، وحبك سيناريوهه المستمد من التراث المغربي الغني. لقد أثار في المشاهد كل شيء ما عدا التغاضي والنسيان.
وفي حوار للممثلة واستاذة الفنون نورا الصقلي، مع وكالة المغرب العربي للأنباء، بينت الاختيارات الجمالية لهذا العمل البصري وتطرقت إلى مفهوم *تمغربيت* في الفن، كما تتطرقت إلى احترافية الممثلين في المسلسل، مركزة على أهمية المواضيع الاجتماعية التي تناولها المسلسل بشكل مباشر. والتي تم التعبير عنها باللكنة الشمالية باعتبارها موروثا لاماديا مما تزخر به بلادنا من التعدد اللغوي والثقافي، منوهة بالجهد الذي بذله الممثلون الذين لم تكن هذه اللهجة أصلية بالنسبة لهم، في إتقان ادوارهم بدقة.
وإذا كان بعض الناس راى في المسلسل استفزازا واعتداء على قيم الأجداد، وخروج عن المألوف، وسباحة في الماء العكر، مفضلين التستر على مثل هذه المواضع التي يعيشها المجتمع المغربي وإخفاءها، بدل معالجتها. فإن الفريق الذي كتب وأخرج دار النسا، اعتاد على التطرق للموضوعات الجريئة. وقبل الحكم على جودة المسلسل سلبًا أو إيجابا، فإن *دار نسا*، أكثر من مجرد مسلسل، فهو إدانة ضمنية للصمت المطبق على قضايا اجتماعية اعتبرت طابوهات لا يجوز النبش فيها.
كما انه ليس فقط عملا دراميا يعالج قضايا اجتماعية. بل انه عمل فني يُظهر ما تزخر به منطقة الشمال من المغرب الحبيب من أزياء وتراث وأنماط الحياة. فقد اختار فريق المسلسل بوعي إعطاء مكانة بارزة للحرف المحلية في منطقة شمال المغرب، سواء من خلال الأزياء التقليدية أو الزخارف المستوحاة من التراث المغربي الغني بروافده او من خلال لكنته.
وتجدر الإشارة إلى أن هذا العمل الفني سار على نفس النهج الذي سارت عليه مسرحية *بنات لالة منانة* الذي سلط الضوء على الموروث الثقافي لمنطقة الشمال، بما في ذلك لهجته المميزة. ويظهر هذا الاسرار على اللكنة الشمالية رغبة فنية في الحفاظ على التنوع اللغوي للمغرب والاحتفاء به من خلال الوسائط التلفزيونية. بل إنه صراخ بصوت عال وواضح للافتخار بالأصالة المغربية، ونداء لحمايتها من العولمة الجامحة.
وهذه الصرخة تروم أيضا تسليط الضوء على جمالية اللباس التقليدي المغربي الأنيق الذي يعكس جانبا من الهوية الثقافية لبلادنا، لابراز جماليته وصلاحه للاستعمال اليومي على غرار اللباس العصري. وبالفعل فقد استطاع المسلسل تحقيق جانب من هذه الاهداف إذ عرف بيع الملابس التقليدية في عيد الفطر إقبالا لم يسبق له نظير.